سأبقى أبحث عنك

كأي فتاة منذ طفولتي أحببت حضور المناسبات والاحتفالات، وكانت أمي تحاول دوما الذهاب واصطحابي برغم وضع أخي فيصل، عندما كبرت صار من السهل علي أن أرافق جدتي أو خالاتي دون أمي، حتى أني أذكر عددا لا بأس به من الأعراس والحفلات التي حضرتها مع جدتي أو خالاتي ولم تكن أمي معنا.

ثم كبرت أكثر، وصادقت الكثير من مختلف الأعمار، دعيت وحدي إلى أعياد ميلاد و خطوبات و أعراس و مباركات مواليد و نجاحات و كل ما شابهها، حضرتها وحدي دون تردد، بكل ما ربت أمي بي من ثقة، لكني لم أستطع حضور مناسبة أقرباء إن لم تكن جدتي فيها، كان الأمر يربكني جدا.

منذ عام غادرت جدتي الرياض، وكل المناسبات منذ رحيلها لم تعد تغريني، أصبح حضورها بالنسبة لي انعاش لشوقي الشديد لجدتي، تذكير ببعدها، تأكيد على أنها لن تعود إلى هنا يوما، تشديد على ألمي.

كنت قد اعتدت أن أجد جدتي جالسة بين رفيقاتها، تبتسم لي حين أطل، تعاتبني على تأخري، تثني على زينتي، ترتب ثوبي، تلومني إن لم يكن ساترا لركبتي، تغمز لي لأرقص وتهز رأسها فخرا إن استجبت.

اعتدت أن أسترق النظر إليها كل حين، أن أسمع ضحكاتها مع من حولها، وضحك الكل من ممازحتها، وطربهم إن غنت.

اعتدت أن أسابق الكل إن فرغ مقعد بجوارها آخر الحفل، فقط لأجلس وأسند رأسي إلى كتفها وأسألها عن كل من لم أعرف.

منذ عام وحتى اليوم لا زلت أبحث عنها بين رفيقاتها، وأمسك دمع ذكراها عند سلامي عليهم، لم أعتد بعدها حتى الآن، في كل التفاتة ألمح وجهها، في كل صمت أسمع صوتها، كل المناسبات اليوم بالنسبة لي ناقصة، حتى حفل خطبتي كان ناقصا، كلها كانت بمقعد فارغ ينتظر جدتي، كلها كان ينقصها صوت جدتي، كلها تفتقدها، والكل يفتقدها، وأنا في كل يوم أفتقدها أكثر.

 

دانة عكل

14- سبتمبر – 2018 م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.