تخرجنا لأجلك وطني

تخرجنا .. انتهينا من رحلة الاثني عشر عاما .. انتهينا من كوننا ” طالبات مدرسة ” .. انتهينا من الأشياء البسيطة التي كان يجب علينا أن نفعلها – مع أني لم أفعل منها إلا القليل – .. انتهينا من أبسط مراحل حياتنا .. واليوم .. الكل يدعو لنا أن نجد التوفيق والخير كله .. الكل يدعو أن يسهل الله دروبنا في هذه الحياة .. وأقول آمين وأنا أخبئ في داخلي أشياء كثيرة لا أعرف كيف أحكيها .. كيف سأحكي عن طفل في وطني .. طفل لم يخطو بعد خطواته الأولى وذبح .. كيف سأحكي عن أرض أيضا في وطني .. أرض لم تحمل أشجارها بعد من الثمار شيئا وحرقت .. كيف سأحكي عن بيت في وطني ذاته .. بيت بناه عريس ليحتضنه وعروسه فسوِّي بالأرض واحتضن جثمانه .. عن أي جرح سأحكي .. عن أي دمع .. عن ماذا سأحكي .. تعذيب الأطفال أكثر وحشية من أن يحكى عنه .. خطف النساء أكثر انتهاكا من أن يحكى عنه .. قتل الرجال أكثر جبنا من أن يحكى عنه .. هناك في وطني كل شي أكثر بكثير من أن يحكى عنه .. قلعة حلب .. المسجد الأموي الدمشقي .. نواعير حماة .. ساحة الساعة الحمصية .. أراضي حوران .. بحر اللاذقية .. وجمال الأرياف .. كل هذا لا يحكى .. هو فقط يحفر في الذاكرة .. يسكن في القلب .. ويكون أقوى دافع لنستمر في ثورتنا برغم كل مايحدث .. قصف الأحياء والأرياف والمدن يضعنا في صراع بين رغبتين .. رغبة ألا تفقد ذكرياتنا معالمها .. ورغبة أن نعود إلى وطننا لنجدد ذكرياتنا .. ومن الصراع يولد الحلم .. فمن صراعي وُلِد حلمي بأن أكون سياسية .. لا لشيء .. فقط لأنهض بوطني عندما أعود .. وعندها سأبذل ما أستطيع بإذن الله .. هم يحرقون الدروب ولكن علينا أن نسير فيها وسننتصر ونعيدها جنة بإذنه تعالى …

دانة عكل

15 – 6 – 2012

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.