سألَـتني عن حلم أنتظر تحقيقه .. وكان جوابي : أن أزفَّ إلى عريسي وسط ” لمَّة ” محارمي على أرض سوريا .. أن تكون تلك القبلة التي سيطبعها أبي على جبيني صافية كصفاء بال صاحبها .. حلمي ياصديقتي أن أعطر بيتي الصغير برائحة الياسمين الشامي .. حلمي لا يلخص في كلمات .. لا يحكى بعبارات .. حلمي ياصديقة العمر أن أعود لأجلس مع الصبايا على السور في المزرعة .. حلمي أن أعود لأقف على ذلك الرصيف وأبدأ بالدوران حول نفسي كما كنت أفعل .. حلمي أن أعود لذلك المنزل .. أن أعود لغرفة جدتي .. لسريرها .. للنوم فيه بجانبها .. حلمي أن أعود للـ”ـدالية” وقطف أوراقها .. أن أعود لـ”ـسطوح الكراج” وغسل أرضه .. حلمي أن أعود لتلك المسجلة المتواضعة .. ولذلك الشريط بداخلها وقت ” حوسة البيت ” .. لصوت خالتي تدندن الكلمات وهي تنظف .. حلمي أن أعود لـ”ـمشوار” منتزه السبيل قبل موعد الغداء .. لـ”ـلمّة” الليرة على الليرة مني وأخي وخالتي وخالي لنعطيها لسائق ” المكرو / السرفيس ” .. للوقوف في ساحة الصدى وإطلاق الأصوات العجيبة .. للـ”ـتخبيط” بأرجلنا لزيادة الضجيج .. لغناء ” ياشوفير دوس دوس ” على تلك المراجيح شبه المهترئة .. للركض بجانب النوافير وبرك المياه في طريقنا إلى القسم المخصص للحيوانات .. لترديدنا ” سعدان سعيد قرد وحيد ” ولكل ماكان يصدر منا أمام قفص ” سعدان سعيد ” .. للشرب من نافورة الأسد عند مدخل المنتزه .. لوقوفنا جانبا على الرصيف نلتهم ” البوظة ” بسرعة لأن سائق ” المكرو ” لن يسمح لنا بالركوب قبل الانتهاء منها حسبما قيل لنا .. للعودة إلى المنزل مسرعين قبل موعد الغداء حتى لاتغضب جدتي منا .. أحلم أن أعود للذهاب صباحا إلى السوق المحلي في ذلك الشارع حاملة ورقة الأغراض والمال .. لذلك السوق الذي لايمل باعته من ممازحتي وتوصيتي بالحذر عند حمل الأغراض وعبور الشارع .. لرائحة المطبخ بعد غلي الحليب .. حلمي ياصديقتي لا أعرف كيف أنسقه .. كيف أرتِّـبه .. كيف أحلمه .. حلمي يسكنني .. يحكيني .. ويعاجزني إذا نويت الإفصاح عنه .. جماله بأني ذاتي أجهله .. صدقه بأنه يخصّ وطني بشوقي .. والمستحيل فيه أن أعود بعد الاغتسال إلى ” خالة عاتكة ” في غرفة الجلوس لتبتسم قائلة : تعي هاتي بوسة نعيما .. لأركض إليها أعطيها القبلة وأدفن أنفي في طيات ثوبها مستنشقة رائحتها التي أفتقدها أكثر من ذلك الوطن ..

( رحمها الله ) ..

دانة عكل

3 – 8 – 2012