شكرا ياصدفة جمعتني بـ”القوقعة” ..

مضى عليّ نحو الأربع ساعات وأنا أتقلب في فراشي .. يبدو أن النوم قد اتّخذ قرار مجافاتي اليوم .. ألْـفُ بداية لألف نص مسجونة في رأسي .. الألم الذي أشعر به في يدي اليمنى يجعل إمساك القلم أمر شبه مستحيل .. والكتابة هنا عن طريق لوحة المفاتيح هي أيضا رحلة صعبة مع وجود هذا الألم .. منذ الأمس ورأسي مكتظة بالكلمات .. أسطر أعيد قراءتها غيبا .. أسطر أرتب كلماتها قهرا .. والكثير الكثير من الكلمات التي قد تكون بدايات جيدة لنصوص وخواطر و ” فشات خلئ ” .. لا زلت أتقلب .. أغطي جسدي كاملا تارة وأبعد الغطاء عني ألف متر تارة .. أغير ترتيب الوسائد .. أقربها قليلا .. أباعدها قليلا .. أحصر رأسي بين وسادتين .. أحاول دفن هذه الرأس حتى تختنق وتكف قليلا عن تقليب صفحات تلك الرواية .. عن تذكر تفاصيل أحداثها .. أدق التفاصيل .. أحاول عابثة أن أجد طرف الخيط المؤدي للنوم .. وتبوء كل محاولاتي بالفشل .. رواية ” القوقعة ” أو كما يطلق عليها أيضا ” يوميات متلصص ” حقيقية الأحداث .. كل كلمة فيها حدثت على أيدي أفراد النظام السوري وأتباعهم .. حدثت في أقبية فروع المخابرات .. على بلاط غرف التحقيق .. خلف بوابات تلك السجون الصحراوية والجبليّة .. كل التفاصيل فيها تبصم أبواب المهاجع المحيطة بالساحات على أنها ” حدثت ” .. مصطفى خليفة نقل المعاناة لنا بكل تفاصيلها غير مبال بطبيعة هذه التفاصيل .. نقل التفاصيل المؤلمة .. المحزنة .. المبكية .. نقل الشعور بالذل والضعف والانكسار .. نقل الشعور بالوحدة واليأس والميل للجنون .. نقل دناءة الضباط .. وحشيتهم .. همجيتهم .. أبكاني وأبكاني وأبكاني حتى سئمت دموعي الانهمار فاكتفت بالتجمع في عينيّ وكأنها تحاول منعي عن قراءة المزيد ..سرد مايحدث بمصداقية دفعتني لإنهاء 163 صفحة في ليلتين .. أنهيتها بطريقة أقرب ما تكون للحفظ من القراءة .. أعدت قراءة سطور كل صفحة ثلاث مرات على الأقل .. والآن بعد الانتهاء منها أجدني أغوص في كآبة وغيظ شديدين .. البعض عاتبني لأنني قرأتها وأنا أعلم أن مثل هذه الروايات والكتب تدخلني في حالة كآبة ” مؤلمة ” إلى حد ما .. ولكنني مع هذا أشعر بالامتنان لتلك الصدفة التي دلتني على ” القوقعة ” .. ماقرأته خلال الليلتين الماضيتين وازن كفتي الميزان .. ميزان ” معرفة تفاصيل جرائم النظام السوري في عهدي الأب والابن الملعونين ” .. جرائم الأول في كفة وجرائم الثاني في كفة .. وتمسكي بالحرية وبقضية حرية الشعوب من ” الرئاسة الديكتاتورية ” هي مطرقة المحكمة .. بإذن الله سأصبح يوما ما أتحدث باسم هذه القضية وما قرأته من أحداث وتفاصيل يهمني جدا .. لايهمني إن كان كلامي عنها سيسمع ولكن يكفيني أني سأتكلم فيما يعنيني حقا وأنا أحمل شهادة تؤكد للـ”ـمتهربين” أنه أمر يعنيني وأنه لا مجال للهرب من مواجهة ألسنة الشعوب الحرة وأيديها ..

 

دانة عكل

17 – 8 – 2012

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.