أبي ..

لا أزال يا أبي صغيرتك .. لا أزال أسرع إلى غرفتك بمجرد استيقاظي لأضم بقايا عطرك التي تركتها على وسادتك قبل ذهابك للعمل .. لا تزال دموعي تغالبني عندما أكون في قمة غضبي فأفتقد ابتسامتك تلك التي تخبرني أن الأمر لا يستحق .. لا أزال أتقن فن ” دمو…ع التماسيح ” عندما أطلب منك شيئا فترفضه .. ولا أزال أعشق ذلك الإحساس عندما تفاجئني بتلبية طلبي .. لا أزال أحب دموعك المنهمرة أو المترقرقة في عينيك عندما أضمك وأنا أبكي .. لا أزال أذكر رسالتك عندما كنتَ في مصر وكانت اختباراتي قد بدأت .. لا أزال أذكر اتصالك عندما كنتُ في مصر وكان عيد ميلادي عقب يومين لتعتذرلأنك ستتأخر يومين ولتخبرني بأنك قد أحضرت هديتي .. لا أزال أنتظر بطاقات المعايدة تلك منك .. تلك البطاقات التي كلما عدتُ لأقدَمِها دعوت ربي والدموع قد ملأت عيني أن يحفظك لي ويبقيني ” دانتك الأغلى والأثمن ” .. لا أزال يا أبي كما عرفني الكل دوما ” أشبهك ” .. لا أزال أحاول أن أكون كما أنت .. أن أكون شغوفة بما أقدم .. أن أبذل كل ما لدي .. وأن أحب و أحب و أحب عائلتي إلى أبعد الحدود .. سأبقى كما تعرفني .. لن أكف عن شراء عشرات الكتب من معرض الكتاب .. لن أكف عن الكتابة لي ولك ولأطفالي ولحريتي ولسوريتي .. لن أكف عن سؤالك عن معاني مصطلحات ” السياسة ” المعقدة تلك .. سأظل أسألك عن التخصصات .. سأسألك عن المكان الأثري هذا والشاعر الفلاني .. سأسألك عن رئيس الوزراء ذاك .. سأسألك إن كان محمود درويش شاعر يستحق الاحترام .. وإن كنت قد كبرت كفاية لأقرأ ديوان نزار .. سأظل أدّعي ” الحرد ” عندما تسخر مني أنت وأعمامي .. وستظل ابتسامتي تقفز على شفتي بمجرد إرسالك لي قبلة في الهواء .. سأظل أزعجك بوميض الكاميرا في الرحلات والمناسبات .. وسأظل أكرر : طيب اضحكلي مشان تزبط الصورة وأخلـِّص .. سأظل يا أبي أخشى أن أمد يدي في النيل دون وجودك بجانبي مادا يدك قبلي لتثبت لي بأن الأمر لا يخيف .. سأظل أعرض عن ” الجمبري المشوي ” إذا لم تقشره لي .. وسأظل يا أبي أفضل أغنية ” المريلة الكحلي ” لأنك ومنذ سنتين أسمعتني إياها وكل مافيك يقول ” أحبك يا دانـَتي الأغلى والأثمن ” .. أحبك أبي ..

دانة عكل

 17 – 7 – 2012

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.