القيادة في الرياض

الناظر إلى شوارع الرياض يزداد كآبة يوماً بعد يوم فبينما يزداد عدد سكان الرياض بشكل مطرد (وكذلك سياراتهم)، يشعر المرء أنه لا يوجد أدنى اهتمام من أمانة المدينة أو شرطة المرور بهذه المشكلة. 

يتعلل البعض بأن الاختناقات المتزايدة التي تحدث في طريق الملك فهد وطريق خريص ليست فوق العادة وهي أقل مما تعانيه بعض المدن الكبيرة مثل نيويورك. لكن لا يمكن مقارنة شوارع وعدد السيارات في الرياض بالمدن الأخرى خصوصاً أن أوقات الدوام لموظفي الحكومة تختلف عنها في القطاع الخاص مما يتيح هامش حركة أكبر لتفريغ الزحام. 

المشكلة الأساسية تكمن في عدم وجود بدائل. منذ سنوات وأنا اسمع بخطة عمل لترام معلق وهي فكرة رائعة إن تم تنفيذها لعدة أسباب منها: 

1. الكثير من الموظفين يفضلون المواصلات العامة (غير الباصات) لدقة مواعيدها 

2. يمكن استغلال الوقت في القراءة 

3. لن يرتفع ضغط السائق من غباء وبجاحة السائقين الآخرين وهي ميزة ستجعل الكثير ممن هم على شاكلتي يفضلون ترك السيارة أمام المنزل 

4. الكثير من ربات البيوت لن يكونوا بحاجة إلى سائقين ولا إلى سيارات للذهاب إلى السوق أو غيره 

5. ستساعد على تقليل التلوث والحرارة الناتجة عن محركات ومكيفات السيارات 

وميزات أخرى غيرها، لكن تبقى المشكلة أن هذه الخدمة قد لا تظهر قبل بضع سنوات. 

وسمعت منذ عدة سنوات كذلك أن بدائل أخرى قيد الدراسة وستطبق خلال أشهر (طبعاً مضى أضعاف الأشهر ولم يحدث شيء)، كانت تتضمن استخدام الشوارع الموازية لطريق الملك فهد في عملية تخفيف الزحام بأن يتم بناء مجموعة جسور على طول شارعي العليا والتخصصي، أو أن يتم تحويل اتجاه الشارعين ليكون كلاً منهما باتجاه واحد فقط كما في طريق المدينة الصاعد والنازل (في جدة). وكلا الفكرتين جيدة إلا أنها ستحل مشكلة طريق الملك فهد وفي مساحة محدودة تبدأ من شمال طريق خريص. 

العجيب أن لا يتم تطبيق أي حلول وتبقى السرعة في بعض الشوارع المستخدمة كبدائل لطريق الملك فهد محدودة بـ70 كلم في الساعة ثم ينصبون الحواجز عليها في أوقات الذروة حيث يهرب الناس من زحام طريق الملك فهد ليقعوا في مخالفة السرعة كأنما يقولون لك خالف لنحبسك

اللهجة الحلبية بلوحة مفاتيح أخي رضوان

الموضوع لأخي العزيز رضوان.. وبسبب ما مر بالجسد (وهو الموقع الأصلي الذي نشر فيه) من مشاكل تقنية ارتأيت أن أضع الرابط هنا مع الموضوع بدون تهيئة النص(Text Format )
  
 

أبواب في فصل الكلام.. بين لهجة أهل حلب والشام !

—————————————————————————–
  ملاحظة: ماكتب بالأسفل لم يقصد منه إلا شيئين اثنين: الأول إثارة النزعات الطائفية بين أهالي المدن السورية  .. والثاني إغاظة زميلتنا العزيزة ورقاء
 في سوريا.. كما في العديد من الدول العربية.. تتنافس كبريات المدن في الفخر بفضلها على البلد.. والتقليل والانتقاص من قدر المدن الأخرى !
 وأكثر ما يقع العداء بين حمص وحماة.. والشام (دمشق) وحلب.. وكلهم “أضرب من بعض” ! .. يقول شاعرنا :
 ألحمص أم لحماة اليوم تنتسبُ :: فهنا الغبا وهنا المعشر الجدبُ
وفي دمشق علاكات مصدية :: وللتناحة دار اسمها حلبُ !
 

* العلاك المصدي : هو الكلام الذي لا طائل له.. وهي من الكلمات القلائل التي يتفق على استخدامها وضرورة وجودها كل الشعب السوري ! مثلها في ذلك كـ ” البطيخ المبسمر ” التي ترمز لكل ما يُنسى لتفاهته.. كأن يقال : شو هاد؟ فيأتي الرد : شو بعرفني؟ بطيخ مبسمر !  .. والآن يكتفي غالبية الشعب السوري بكلمة “بطيخ” لأن كل البطيخ السوري أصبح.. مبسمر !!
 

وقد أوجز الشاعر حال المدن الأربعة في بيتين.. فأتى بشهرة أهل حمص ” الغباء “.. ثم عرج على ضيق أخلاق أهل حماة.. وهم قوم “ما بتعاشروا” ! .. ومن تابع العظمة في مسلسل مرايا أدرك لمَ اشتهرت الشام بالـ “العلاك المصدي”.. وأخيراً تستطيع تبين تناحة و”يباسة” رأس الحلبية في وجوههم وألسنتهم وحتى أقلامهم.. وصاحبكم أبسط دليل على ذلك !
 

وإذا قال الشوام بأنهم أصحاب أقدم عاصمة في العالم.. فنحن الحلبية أصحاب أقدم قلعة في التاريخ.. وإن كانوا أصحاب العاصمة السياسية والسياحية.. فحلب العاصمة الثقافية والدينية.. وحلب من آوت المتنبي.. ونور الدين.. ومنها كان أبو فراس..
 وفي لهجة أهل حلب تجد زبدة الكلام ودقة التعبير مع قلة الكلمات.. كما أن في اللسان الحلبي فصاحة لا توازيها فصاحة.. فعندما يميل أهل حمص الألف ويفتحون الياء.. وعندما يغمغم أهل حماة كلامهم.. وعندما يشوه الشوام الجيم بنطقها كحرف J الفرنسي ( جيم بثلاث نقط كما يهوى أهل التعريب كتابتها ).. تجد في النطق الحلبي ضالتك من مراعاة للغة وعذوبة في الكلام !
 

قال شيخنا: كنت بصحبة تلاميذي في رحلة في مساجد الشام.. فدخلنا على إحدى حلقات المسجد الأموي فسمعت لحن الدمشقيين الشهير في حرف الجيم.. فأشرت إلى أحد أنجب طلابي قائلاً: يا فلان.. أسمعهم الجيم الحقة ! لعله يقرأ من كتاب الله ما يسكتهم به.. فما كان منه إلا أن صاح بملئ فيه: ” جمل جبل جحش ! ” فأوقفته قبل أن يكمل !
 

 

بعض من كلام أهل حلب :
 

طِنِفْسِة
وهي السجادة.. أخذت من الطنافس وهي لغة عربية فصحى..
 

 

شَمْشَاي
وتنطق الشين كـ ch بالإنجليزية مع التشديد..
وهي مغرفة الطعام.. أي ما يسكب بها..
 

شَنَق
أيضاً الشين ch.. مع تحويل القاف إلى همز تبعاً للهجة أهل سوريا..
وهو الصحن.. باختصار..
 

 

سَكْرَتُون
وهو الخزانة أو الدولاب.. وأصل الكلمة تركي كغالب الكلمات الحلبية..
 

صُوبَة
بتشديد الباء..
وهي المدفأة أو الصوبيا..
 

 

الكَرَتَاي
وهي “اللبيسة”.. تلك الأداة البلاستيكية التي تعين على ارتداء الأحذية..
وأذكر أن أخي أحب مداعبة أصدقائه فسألهم عن معناها.. فلم ينبس أحدهم ببنت شفة إلا واحداً قال متذاكياً: معرفش.. بس شكلها كدة حاجة بتتاكل !
 

كَرَوِيتِة
وفي قول آخر.. الدِيوانة..
وهي الأريكة..
 

 

اكتفيتم ؟
 

ولمن اتهمنا بأننا أصحاب لهجة غليظة ولسان ثقيل.. أرد عليه بكلمة واحدة هي” بَتَاتِه.. ( هكذا يدعو أهل حلب البطاطس ! ).. وفيها دليل كافي على رقتنا و”خفة دمنا
 

 

يحكى.. أن الخلافات استشرت بين حماة وحمص حول مياه نهر العاصي وحصة كل مدينة منه – حتى جف الآن من “الطفش” – .. فقام “حكماء” البلدتين بمد حبل على عرض النهر بينهما.. وتعيين حارس ليلي لئلا يقوم “من تسول له نفسه” بالأخذ من نصيب الآخر ! وبقية القصة معروفة..
 

 

الآن.. تعلو الأصوات مرة أخرى بعد أن أخمدها العاصي – حتى تبخر – مطالبة بأصول أنساب عائلة “الأخرس”.. الحماصنة ( أهل حمص ) مو لاقينا من الله.. والحموية * ( أهل حماة ) لا يزالون “رافضيين” من مبدأ: ما منحطها واطية ! وعنزة ولو طارت !!
وفي حلب يقولون: لا عين تشوف.. ولا قلب يحزن..
 

* الحموية: هي نعال – أكرمكم الله – يصنعه أهل حماة يدوياً حتى الآن.. ويشعر القدم براحة عجيبة تشفع لي حبي للنواعير و”اللف والدوران“..
 

 

. . . درسٌ في الإشارة . . .
 

امتداداً لشهرة اللهجة الحلبية في الاختزال وتوفير “الحنك”.. احتوت اللهجة على أسماء إشارة خاصة بنا.. ندلس بها على أعدائنا.. فإذا نطق بها “حلبي” لم يدر من بجانبه كنه ذلك الصوت.. أهو كحة أم بحة.. أم غرغرة ميت !
ولأننا الآن أصبحنا بلا أعداء – والأبواب مشرعة – فلا أجد حرجاً من البوح بها إليكم:
 

 

للقريب.. تحتوي لهجتنا على ثلاثة أسماء بغرض التنويع لا أكثر رغم أن لكل واحد ذاتيته وخصوصيته..
الأسماء – بالترتيب حسب الأقرب – هي:
 

كُه – كُوَه – كُوَهْـنِه
 

 

وللبعيد أيضاً ثلاثة.. هي – حسب الأقرب – :
 

كُهَاك – كُهْـنِيك – كُهْـنَاك
 

 

وهذه الستة هي للمذكر فقط ! فإن أردت التأشير لمؤنث عليك باستبدال كل ضم وواو بكسر وياء.. فتصبح كِه و كِـيَه و كِـيَهْـنِه… إلخ
 

ومن مر بهذه الأسماء أدرك أنها ضمت أسماء الإشارة العربية كلها وزادت عليها – رغم شمول العربية -.. فلله در هذه “اللهجة” ولله در أهلها !
 

 

أما “الشوام” وما أدراك ما “الشوام”.. فحتى أسماء إشارتهم عبارة عن لطش واضح للأسماء العربية الفصيحة بعد تحريف سيئ لنطقها العربي الفصيح.. فالله حسيبنا فيهم !!
 

. . . ملاحظة . . .
 

 

لمن فاته قراءة الدليل المدحض على رقة وعذوبة اللسان الحلبي.. أعيد كتابة الكلمة (بطاطس) بالتشكيل:
  بَتَاتِه
 

 

. . . القدود الحلبية . . .
 

القدّ: في الفصحى تعني الجسم أو الكتلة أو المقاس أو أي كلمة مرادفة.. فيقال قد الشيء أي جسده.. وأما في الحلبية فله معنىً آخر أعود إليه بعد قليل
والقدود الحلبية – أي الأجساد – من أشهر القدود وأجملها عند العرب.. وفيها كُتبت الأشعار ولها غُنيت القصائد وكانت طيفاً في أحلام كل عاشق.. ومن منا لا يطرب لدى سماع صباح فخري وهو يتغنى بـ”قدك المياس” ؟
وللقدماء مقولة في تصنيف نساء سورية.. فيقولون لمن للسائل: إن أردت الكلام فاذهب إلى دمشق.. وإن أردت النظر فحمص غايتك.. ولإطراب الأذن أسمعها من حماة.. أما إن أردت الزواج فعليك بالحلبية..
فالشامية – والحق يقال – لديها مخزون من الكلمات الجميلة العذبة ما لا تقدر على سماعه كله حتى لو عشت مائة عام.. ولدى الشوام من الردود المجاملة مخزون يكفي الأرض بمن عليها.. أما أهل حمص فأصحاب أجمل سحنات.. ولهم وجوه خلابة قل أن تجد لها مثيلاً في باقي المدن.. وللحموية صوت عذب يحلق بك عالياً في سماء الطرب والغناء.. تسكر مع أدائهم فلا ترجو الإفاقة أبداً..
أما المرأة الحلبية.. فهي الجامعة لهذا كله.. فبلإضافة لما سبق ذكره.. تجدها امرأة قنوعة صابرة.. تقدر حق البيت والزوج خير تقدير.. وقل أن تجد لها على الأرض مثيل..
 

 

. . . القد والباذنجان . . .
 

أما القد في اللهجة الحلبية فهو التجفيف مع التسخين ! فيقال قـَدَد اللحم أي قلاه على النار حتى تبخرت مياهه واستحال قطعة جافة تسمى : قديداً
وأهل حلب يهوون تقديد كل شيء يمكن تقديده.. نظراً لبراعاتهم وابتكاراتهم في فنون الادخار.. يروي أحد أقاربنا عن طفولته فيقول: كنت أهوى السؤال عن كل شيء أسمع عنه أو أراه.. واعتدت على إزعاج والدي بهذه الأسئلة.. ومرة كنت أستمع إلى إحدى الإذاعات في الراديو فمرت بي كلمة “القدود الحلبية” أكثر من مرة.. فما كان مني إلا أن هرعت إلى والدتي – وكانت تعمل في المطبخ – لأسألها عن القدود الحلبية.. فأجابت وهي منشغلة عني: “والله يا إبني شكلا بانجان مأدد*” !
* شكلا: شكلها.. والبانجان هو الباذنجان والذي يطلق عليه الشوام: بيتنجان ويبدو أنهم كانوا يزرعونه في بيت للجان !.. والمأدد: مقدد.. أي أن القدود الحلبية اسم يطلق على إحدى الأكلات مثله في ذلك الباذنجان المجفف..
 

 

. . . درسٌ في الطبخ . . .
 والمطبخ الحلبي من أكثر المطابخ انتشارا للذته وذوق أهله.. وسره يكمن في جمعه لأشهى وأطيب ما في المطابخ التركية والعربية والفارسية.. وتعديله طبقاً لما يوافق الذائقة الحلبية المتمكنة..
وبالطبع فلا يمكن ذكر المطبخ الحلبي دون المرور بالـ”كبب” الحلبية الشهيرة.. ويقال أننا في حلب نملك سبعين نوعاً مختلفاً من الكبب.. والبعض يقولون أنها تجاوزت المائتين..
ثم ننتقل إلى السفرجلية والسماقية مروراً بالأرمان والشيشبرك حتى نصل إلى أنواع المحاشي المختلفة و”الأبيوات“..
 

وحتى أكون دقيقاً في نقلي فأرجو منكم المعذرة لقليل من الوقت حتى يتسنى لي المرور بالمطبخ والعودة إليكم بأشهة وصفات الوالدة 
    
 

 

. . . فاصل . . .
 

في زيارتي الأخيرة لجدة قضيت يوماً مع خالتي المقيمة هناك وعائلتها.. وأثناء تناول الشاي بعد العشاء حاول زوجها إقناعي بـ “لتّ” الجزر بالشاي زاعماً أن في ذلك فائدة كبرى ! ولما تمنعت حكى لي عن صديقه الذي ابتدع هذه الفكرة.. فقد دعا صديقه مجموعة من الزملاء إلى منزله.. وأحضر أكواب الشاي ومعها صحن كبير من الجزر المقشر.. ودار بالأكواب عليهم ثم بصحن الجزر وهو يلح عليهم بأخذ واحدة على الأقل.. ثم غادر الغرفة معتذراً بغرض ما.. عندها سارع عدد من اصدقائه المقربين – ممن اتفق معهم قبلاً – بإيهام الحضور بأنهم سـ يضعون الجزر في أكواب الشاي ومن ثم تناوله.. فما كان من الجالسين إلا أن امتثلوا وسارعوا إلى “لتّه” و.. راحت عليهم .. الجميل في الموضوع أن صاحب الدعابة.. حمصي !
 

 

. . . عودة إلى المطبخ . . .
 

وسأبدأ بالأكلة التي ينفرد بها المطبخ الحلبي من بين مطابخ العالم.. ولا يستطيع أحد أن يثبت “حلبيته” ما لم يكن يحبها بل ويعشقها ويتغزل بها.. وأنا شخصياً أعتبرها وصمة عار بين الأكلات الحلبية.. ولكني مجبر على تناولها حتى لا تُسحب مني “الجنسية”.. هذه الأكلة هي:

 

اللحمة بكرز
وتقدم ساخنة على شكل كرات من اللحم عليها سائل حلو المذاق محضر من الكرز.. ويرش عليها البقدونس المفروم وتوضع فوق قطع من الخبز وتؤكل به..
ويفضل استخدام كرز “الوَشْـنَـة” وهو ذو ثمرة صغيرة وحامض ولا يقدم لوحده كفاكهة..
ولا أستبعد أن تكون هذه الوصفة مدسوسة علينا من الجهاز الاستخباراتي لأحد المطابخ الأخرى بقصد تشويه سمعتنا..
 

 

الجز مز
وهي – بتشديد الزاي ونطقها مفخمة – كما أسلفت عبارة عن بيض بافرنجي أو ما اصطلح على تسميتها هنا بالشكشوكة.. وطبعاً المقصود بـ”افرنجي” هي البندورة أو الطماطم.. ولا أدري لماذا نسميها “افرنجي”.. حتى الدبس الذي يعمل منها نسميه ” دبس افرنجي”.. ربما لأنها لم تكن تزرع في سوريا..
 

الشيشبرك
والشيش برك عبارة عن قطع من اللحم تسبح في بحر من اللبن.. حاول الشوام – بفشل – تقليدها فأصبح لديهم ما يسمى بالشاكرية.. والفرق عظيم بينهما..
أصل الكلمة والطبخة تركي على ما أعتقد.. الشيش هو “السيخ” الذي كان يوضع عليه اللحم لشيّه.. والبرك – اكتشفت – أنها مأخوذة من بَرَ كَ يبرُ كُ بَرْ كاً.. أي قعد فلم يقم.. وتقال للجمل في الفصحى.. ونقول في لهجتنا: بْرُوك.. أي تفضل بالجلوس.. وبالطبع ليس لنا علاقة بالفاتنة بروك شيلدز.. والمقصود بشيش برك.. أي أن هذه الأكلة مكونة من اللحم وهي لذيذة لدرجة أنها تجبرك على الجلوس على مائدتها.. أو أنها ثقيلة فـ”تبرك” بك فلا تستطيع بعدها قياماً.. أرأيتم أفصح من اسم كهذا؟
 

 

الإبيوَات
بتسكين اللام والألف الأولين.. وكسر الباء والياء بخفة كأنها كسرة.. مع فتح الواو..
وهي عبارة عن أمعاء الخروف بعد تنظيفها.. محشوة بالرز واللحم والحمص.. ثم تسلق أو تقلى.. وتقدم مع مرق خاص بجوارها مصنوع من الماء الذي طبخت فيه..
كلما تناولتها تذكرت مقطعاً من فلم قديم يتحدث عن الـ”هاجيز” وهي طبخة اسكتلدنية تقدم من أمعاء الخروف.. يبدو أننا أول من طبق العولمة.. بالطبخ !
 اليَخَنَة أو اللَـخَنَة
وتعد من أوراق الملفوف الأخضر.. بعد أن تحشى بالأرز واللحم ثم تلف.. وتشبه حشوتها حشوة “اليَبْرأ” أو “اليبرق”.. إلا أن اليبرأ معد من ورق شجر العنب.. وتختلف هذه الأكلة عن “ورق العنب” أو “اليلنجي” بالحشوة.. فالأخير يحشى بالأرز والخضار بالإضافة إلى اختلاف بسيط أثناء الطهي أو الطهو..
 

بالتأكيد لم أتحدث عن أهم ما يعد المطبخ الحلبي وهو الكبب بأنواعها.. من الكبة الدراويش والصينية حتى الكبة النية مروراً بكبة السيخ.. نظراً إلى خوفي من تشويه سمعتها إن أنا لم ألم بجميع تفاصيلها.. ومطبخنا عموماً أكبر من أن أتحدث عنه في موضوع.. أو أن تكتب عنه الكتب كغيره من المطابخ السورية والعربية..
 

 

. . . الأربعاء العالمي . . .
 

يحكي قريب لي قضى سنوات عدة في بريطانيا عن صديق حمصي له هاجر حديثاً إلى هناك.. وأثناء قيادته للسيارة صبيحة يوم أربعاء* في شوارع لندن أخطأ مرة بالمسار نظرأ لاختلاف الاتجاهات هناك.. استوقفه شرطي المرور طالباً أرواقه.. ولما لفت نظره الاسم العربي سأله عن جنسيته فأجاب: سوري.. فقال له: من أين؟ فقال مستغرباً: من حمص.. فما كان من الشرطي إلا أن أعاد إليه أوراقه قائلاً: حمصي.. واليوم أربعاء؟ إذهب فلا حرج عليك ! ..
طبعاً صاحبنا لم يستطع الذهاب قبل أن يسأل الشرطي كيف علم بذلك.. وبعد إلحاح علل له قائلاً أن والده عمل بالسلك الدبلوماسي فترة لا بأس بها في سوريا.. ويعلم الكثير عن “التقاليد” المحلية !..
لم أسمع من قبل عن رئيس لسوريا – وربما كنت مخطئاً – أصله من حمص.. أعتقد أن ذلك كان ليوفر الكثير من الأعذار على سيادته إن قام باتخاذ القرارات يوم الأربعاء من كل أسبوع..
 

 

____________________________________
* يوم الأربعاء هو العيد الرسمي لمدينة حمص.. وفيه تزيد “حمصنتهم” عن المعدل الطبيعي بمراحل
    
 

عنيتر
 

 

أولاً يا سيدي.. مصدر المعلومات هو بعض كبار الطباخين الحلبيين أباً عن جد..
أيها التركي المتفرنج.. المتأمرت المتأمرك.. :T
ثانياً: لو كنت متابعاً بحق لرأيت ردي سابقاً في موضوع آخر في كشكول على سنفورة أو السينمائي حينما شرحت الشيش برك كما قلت أنت ! والذي لا تعرفه بالتأكيد أنني تلقيت علقة لن أنساها بحجة أن ما ذكرت كان عن الشيشبرك التركي وليس الحلبي.. ولخوفي أن أثبت تهمة العنصرية بالحلبية ارتأيت المسايرة دون الإفصاح.. والآن وقع الفأس برأسك أنت فاشبع به
أعجبتني كتابتك للجملة الحلبية.. وترجمتها أيضاً.. أعدت إلي أجواءً كدت أنساها.. مع ملاحظة تشديد السين في “محسبنا“..
وعلى سيرة “طاول”.. واحد شامي سأل حلبي.. ليش بتقولوا طاول كتير في حلب؟ جاوبه.. نحن ِ ؟ نحن ِ طاول ما بنقولا !
شكراً لمرورك الغني عزيزي.. هاهو فتىً آخر يصرح بحلبيته.. ترى هل سأعود بكم إلى القومية؟
 

ورقاء
أنا أستغفلك؟ وهل أجرؤ على الإتيان بمثل هذا الفعل؟ فلتقطع رموش عيني قبل أن أفعل! <<— ياي
ولكن فلتكحلي عينيك بما كتبت أعلاه.. ففيه الفائدة لي ولك..
<<— مسكت معي الفصحى غلط
 

 

قسورة
عاد تعبت وسيرت علينا.. لازم تطلع بطبخة.. أخاف تنحف بعدين
يا سيدي طبخات اللبن وملوكه خمسة على الترتيب على حسب ذائقتي: “الأرمان” و”اللبنية” و”الشيشبرك” و”الشاكرية” و”باشا وعساكر” أو “قاضي وعساكر“..
ذوق أي وحدة وادعيلي
  لكل الأحبة الذين لا زالوا يقرؤون
أعتذر عن التأخر.. فقد ارتأيت دفن الموضوع بعد خروجه عن المنحى المطلوب..
ولكنني أعد بـ مقطع أخير مثير للضجة
سأعود به قريباً
 

 

 

 

 

 

طلبات جانبية

من حق الزبون في أي مطعم أن تكون الخدمة توازي ما يدفع، ومن حقه في أي وقت أن يطلب أي أطباق إضافية سواءً كان ذلك قبل أو أثناء أو حتى بعد الانتهاء من تقديم الطلب الأساسي. وبالطبع يمكن أن يكون طلب الزبون في أي وقت من النهار أو الليل. وفي المقابل لا يوجد أدنى شك (بدون دبابيس) أن من حق المطعم، أو الكفتريا أو حتى العربة التي تقف في شارع نصف إضاءته مفقودة، من حقه أن يقوم بتقديم الطلب أو الاعتذار لأن الطلب غير متوفر أو لأن المطعم لا يقدم هذا النوع من الطلبات أو لأن المطعم مغلق وكل ما يقوم به الزبون فعلياً هو إزعاج العاملين أو بكل بساطة لأن الطلب يرفض الحضور إلى طاولة هذا الزبون.
نعم، بعض الطلبات ترفض الحضور إلى طاولة الزبون خصوصاً عندما يكون الزبون أصغر سناً من معظم مكونات الطبق. وترفض ذلك رفضاً قاطعاً عندما يكون ذلك خلال فترة راحتها أو بعد فترة الدوام المقبولة لدى معظم الطلبات المشابهة.
وبناءً على ما سبق من فانتازيا يمكن القول أنني الطبق وأن الآنسة وداد (لا أسكت الله لها حساً) هي الزبون الخفيف الذي قمت برفض طلبه. لماذا؟ يمكن بكل بساطة تخيل شعوري وأنا أقرأ رسالة من والدها المبجل الساعة الواحدة والثلث فجراً تقول (قال بنتي بدا كنان). وطبعاً بما أن الأستاذ خباب (أطال الله في عمره) يعلم معزته (بتشديد الزاي وكذلك بتخفيفها) لدينا وخصوصيته في قلوبنا فقد نزل عند رغبة ابنته الشديدة والتي لا يمكن ردها في وقت كهذا وقام بإرسال الرسالة التي ما زلت أجهل كيفية تصنيفها، أهي استفهامية أم أمرية (وبرما أمرّية من المرارة) أو ربما انشكاحية. وقمت أنا بطبيعة الحال بعمل اللازم من الدعوات وما يرافقها عادة من حوقلات وبسملات ثم عدت إلى النوم. لكن تأبى الطبيعة الإنسانية في الأطفال والتواقة إلى تعذيب كل من أكبر سناً أن تتركني في حالي، فيستمر الطلب ويقوم الطفل الأكبر (خباب) بتسجيل الطلب بالفيديو هذه المرة ليقوم بإرساله إلى بالبريد الإلكتروني ليكون بمثابة توثيق رسمي لطلب ابنته.

تحتاج مشغل ملفات نوكيا لتشغيل هذا المقطع: كنان وينو؟

 وحتى لا أفهم خطاً، فيجب أن أوضح أنني أرفض أن أكون طلباً جانبياً فربما كنت قبلت المجيء لو أنني كنت الطلب الأساسي :)

وعندك واحد كنان مزبوط وصلحووووووو

إلى شقراء

 بلدة جميلة جداً وأحد أصدقائي منها ولكنها……….    ليست شقراء 

الموقع: في مكان ما بين شمال-غرب وجنوب-غرب الرياض في المملكة العربية السعودية 

الزمان: السابعة والنصف صباحاً في أحد أيام برد الصحراء القارص 

يلفت نظرك عند دخولك إليها أنها بلدة بكل ما تحمله الكلمة من معنى….. نعم أقول بلدة لأنني مررت قبلها بما يسمى مرّات (قادماً من طريق مكة-الرياض) 

مما يميز مرّات اللوحة الضخمة عند مدخلها والتي ترحب بك “مرحباً بكم في مرّات” وذلك قبل أن ترى أي أبنية أو بيوت مما يوحي أن حدود مرّات واسعة لدرجة أنك ستدخل مدينة بحجم الرياض، ثم يلفت نظرك أن الطريق يمر بجوار جبل شكلت عليه عبارة “أهلاً بكم في مرّات” بالحجارة البيضاء ولأن لون الجبل ومكانه يلفتان النظر فإنك لا تنتبه إلى المنازل الصغيرة على الطرف الآخر، ثم تفاجأ أن مرّات تتمنى لكم رحلة سعيدة، فتدهش لدرجة أنك تفكر فعلياً في التوقف والعودة بحثاً عن المدينة المفقودة

عودة إلى شقراء، جميل هو منظر الشلال الذي يقام عند مدخلها حيث يوجد مشفى شقراء العام (وأنا كلي يقين أنه المشفى الوحيد في المنطقة لأن باستطاعته استضافة كل أهل مرّات السابق ذكرها فيه)، وأمام المشفى تقوم البلدية حالياً بإنشاء دوار ضخم سيكون غالباً منتزهاً جميلاً وخصوصاً بتوضعه في منطقة مكشوفة من الأرض وأمام الشلال الذي يتم إنشاؤه. 

قبل دخولنا بلحظات اتصلت الأخت التي ستقوم بتوجيهنا إلى مقر المحاضرة وأعطتنا وصفاً مفصلاً حتى وصلنا (وبسهولة بالغة) إلى مكان المحاضرة فدخلت الوالدة وبقيت أنا أحضر نفسي لأجلس مع (الشايب) الذي يحرس المبنى، لكن ما إن أطليت برأسي داخل غرفته حتى وخزتني مؤخرة رأسي قائلة “خبل إنت؟ دافور وبتجلس مع سبع شيبان في غرفة ثنين في ثنين متر؟ لا وبعد بتشغل اللابتوب ولا أنت بتقعد تكلمهم؟ صاحي إنت ووجهك؟) فقررت أن أنسحب مؤثراً السلامة النفسية على المكان الدافئ ووصلة الكهرباء. 

أثناء تشردي في السيارة تذكرت إنني رأيت كودو والعثيم في الطريق فقررت أن أحصل على فطور جيد وقد أجد وصلة كهرباء عند كودو فتوجهت نحوه، عند دخولي (وبسبب عقدة النقص والسادية والسكرية وكل العقد النفسية المعروفة والغير معروفة) صحت بأعلى صوتي “جوووووود موووورررننننينج” ليخرج أحد الموظفين (فليبيني على الأغلب) وعى وجهه علامات الاستغراب الشديد وكأنني أول بشري يدخل المكان عامداً متعمداً (وليس عن طريق الخطأ أو بغرض السؤال العابر) في هذا الوقت المبكر. تجاوزت النظرات لأبدأ بسؤاله (باللغة الإنجليزية) عن طلبي لحم وبيض مع الشاي وأرجو أن يكون اللحم تام الإستواء. ما أن انتهيت من طلبي حتى لاحظت أن فك الموظف السفلي يكاد يلامس الأرض لفرط دهشته، ولم استطع بشكلٍ ما أن افسر الدهشة المفرطة لهذا المسكين سوى أنها المرة الأولى التي يسمع اللغة الإنجليزية منذ قدومه (أو أنها المرة الأولى التي يسمع بها اللغة الإنجليزية بهذا السوء). ووقفت منتظراً منه أن يدخل البيانات في نقطة البيع ويطلب مني النقود لكني فوجئت بأنه أدار ظهره متجهاً إلى المطبخ ليبدأ العمل على الطلب، فتوجهت إلى إحدى الطاولات و”فرشت” العدة مستعيناً بالله وراجياً أن تكفي بطارية جهازي الشبه ميتة لإتمام المهمة التي جئت لأجلها. 

ما أن انتهيت من تشغيل الجهاز وبدأت العمل حتى كان طلبي جاهزاً، وعندما جئت لحمل الطلب كان ما يزال محملقاً بي وكأنه يريد التأكد انني لست حلماً فقمت بدفع النقود له مخافة أن ننسى نحن الإثنين. تناولت إفطاري (على أقل من مهلي) متسلياً بالبرنامج الذي أعمل عليه حتى حصل المحظور وفرغت البطارية وقام الجهاز بإطفاء نفسه اضطرارياً. نظرت حولي ولكن لا يوجد أي قابس كهربائي، فأكملت فطوري وتوجهت إلى العامل مرة أخرى لأجد شخصاً آخر هناك، سألته عن إمكانية وصل جهازي بالقابس الموصل إليه جهاز نقطة البيع الذي يعمل عليه لكنه رد بالنفي لتعارض ذلك مع الإجراءات الإدارية ؟؟؟؟ حاولت الاستفسار عن أي مقهى إنترنت أو مقهى عادي لكنه أجاب بعدم توفر مثل هذه الخدمات فضلاً عن أنه لا يوجد محلات قهوة تفتح في مثل هذا الوقت (حوالي التاسعة والنصف صباحاً). 

خرجت متوجهاً نحو فرع العثيم المجاور لعلي أجد أحداً من أهل البلد يستطيع مساعدتي، بالطبع كان كل العاملين على نقاط البيع “فاظين ولا عندهم إلا السواليف”، وكان وجهي الغريب (عن البلدة) والتسائل المنطبع على وجهي (وخصوصاً أني دخلت من باب الخروج) سيعطيهم “سالفة” جديدة لبضعة أيام. سلمت و”صبّحت” عليهم وسألتهم عن قهوة يمكن الجلوس فيها بهذا الوقت وتوفر قوابس كهرباء لاستخدام الكمبيوتر، نظر أحدهما إلى الآخر كمن يحاول التذكر “فتفلسفت” كعادتي محاولاً أن أكون أكثر تحديداً وسألتهم عن “د. كيف” (أحد أشهر محلات القهوة العربية الأصل ويمتلك فروعاً في الخليج وأفريقيا وأوروبا، لكن!!) فإذا بالشابين معاً يفتحان فاهما مع علامات استغراب شديدة. فحاولت أن ألطف الأمور (جا يكحلها عماها) وسألت عن أي فندق يمكن أن يكون قريباً (ويييييييييين قريباً، تقول هالبلد اللي عشرين ولا ثلاثين كيلو) وكانت النتيجة مشجعة جداً حيث توقفت حالة الإندهاش وتحولت إلى حالة ضحك، ثم سألاني من أين أنت – من الرياض – ما الذي تحتاجه بالضبط – لا شيء سوى مكان جلوس مع قهوة/شاي وقابس كهرباء. وجاء الفرج أخيراً من أحد الشابين قائلاً يوجد قهوة وهو ينظر إلي إن كنت فهمت مقصده فأجبته تقصد مقهى “للشيشة”؟ لا بأس يمكنني التأقلم مع الفكرة فيبدأ يصف الطريق بشكل أوحى لي أني سأمشي ما يقارب العشرة كيلومترات على الأقل، شكرته وانطلقت بسيارتي لأفاجأ بعد ثلاث دقائق أنني وصلت إلى المكان المقصود، وبصراحة المكان جميل ولو أن به إنارة (فضلاً عن وجود قابس كهرباء) لكان بمكنني التكيف مع الوضع. 

بكل أسى وحزن أدرت ظهري عائداً إلى البلدة لأفتش هنا وهناك ولتأتيني مكالمة “شماتة” من خباب سامحه الله ومن ثم أجد شققاً مفروشة أمامي، توقفت لأسأل علّ هذا الرجل يفيدني أكثر مما فعل الآخرون فعرض علي جزاه الله خيراً أن أجلس في منطقة الاستقبال حيث يوجد قوابس كهرباء ومقاعد مريحة وطاولة. 

أثناء خروجي من شقراء كنت أمشي متمهلاً مخافة أن لا أكون قد رأيت كل شيء، وعندما أصبحنا في منتصف الطريق مع “مرّات” جال في رأسي تساؤل عن سبب تسميتها شقراء بالرغم من أن جميع الرمال التي حولها “حمراء”!!